صحافة واعلام

صحافة واعلام

د. حلمي الحديدي رئيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية في حوار لـ الأخبار

نشرت جريدة الأخبار
بتاريخ 28 / 1 / 2018

 

د. حلمي الحديدي رئيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية في حوار لـ الأخبار :

حوار : ريهام نبيل

 

السيسي أعاد مصر لإفريقيا كما كانت في عهد عبد الناصر

في منتصف خمسينيات القرن الماضي ولدت فكرة منظمة تضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية في مؤتمر باندونج بإندونيسيا، ومع نهايات عام 1957 كانت القاهرة تحتضن الكيان الوليد، حيث ظهرت المنظمة في ظروف مضطربة، تتصاعد فيها حركات التحرر الوطني، التي كانت تستدعي تضامن شعوب تعاني من وطأة استعمار يجثم علي مقدّراتها ويمنع انطلاقها، فقد مرت ذكري ميلادها الستين في ديسمبر الماضي بهدوء، يوحي بأن دور المنظمة قد تراجع .. د. حلمي الحديدي رئيس المنظمة اكد في حواره مع »الأخبار« أن التحديات الجديدة علي الساحة العالمية تتطلب تفعيل دورها، الذي لا يتجاوز حد التوعية، غير أنه يري أن التوعية أمر بالغ الأهمية ولا ينبغي الاستهانة به، فهل يمكن للمنظمة استعادة دورها بالفعل، لتنجح في تجاوز تراجع دورها الذي بدأ منذ سنوات؟ وكيف يمكن أن يتحقق ذلك وثلاث دول فقط من بين 90 دولة هي التي تحرص علي سداد اشتراكها السنوي؟.. في هذا الحوار يرد الدكتور الحديدي علي هذه التساؤلات، لكن إجابته تتحول إلي مجرد أمنيات، خاصة أن المنظمة لا تستطيع إلزام أعضائها بأي شيء.

 

نعارض السياسات الأمريكية .. ونرفض محاولاتها لتفتيت دول المنطقة

• امتد حضور المنظمة لسنوات بعد تأسيسها، كما كان تأثيرها ملحوظا، لكنه بدأ في التراجع تدريجيا، ما أسباب ذلك؟
- يمكن تصنيف تلك الأسباب إلي تاريخية وسياسية ومحلية، فقد أنشأ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر المنظمة لتكون صوت الشعوب، إلي جوار مجموعة عدم الانحياز، وكان مقتنعا بأن الشعوب لها دور كبير في التضامن والنهضة والتنمية، وقد منح المنظمة كل الدعم والتأييد واستخدمها في كل ما يؤدي لتضامن الشعوب الافريقية والآسيوية، لكن الرئيس السادات لم يكن يتبني هذا الاتجاه وهكذا الرئيس مبارك، لكننا نلحظ اختلافا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، فقد بدأ يزور بعض دول أفريقيا وآسيا لتعزيز التعاون معها، وهو أمر ظللنا نفتقده منذ وفاة عبد الناصر رغم أهميته . وبالإضافة إلي الأسباب التاريخية السابقة، توجد أخري سياسية ومحلية، فقد نالت دول أفريقيا وآسيا استقلالها في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وعندما حصلت عليه اعتقد قادتها بالخطأ أنه لم يعد هناك حاجة ماسة لتضامن الشعوب، رغم أن الشعوب بعد الاستقلال كانت في اشد الحاجة إلي التضامن، لأن المعركة أصبحت معركة تنمية واقتصاد وعلم.
يمكن أن نضيف إلي ذلك أن الاتحاد السوفيتي كان يناصر المنظمة ويدعم نشاطها بشكل ملحوظ، وبتفككه فقدت المنظمة نصيرا قويا، بالإضافة إلي وجود موجة من فقدان الثقة في السياسة بين الشعوب، مما جعل كل دولة تنغلق علي نفسها إلي حد ما، وأصبحت غير متفاعلة مع الخارج والشعوب الأخري، وسارت في فلك أمريكا إلي حد كبير، بحجة أن أمريكا بيدها 99% من مجريات الأمور في العالم، ولديها قوة كبيرة مسيطرة علي كل دول العالم في غياب الاتحاد السوفيتي.
• ذكرت أن رحيل الرئيس عبد الناصر كان احد أسباب تراجع دور المنظمة، فهل يعني ذلك أن رحيل الزعماء المؤسسين كان له تأثير سلبي كبير؟
• ليس المؤسسون فقط، بل المؤمنون بحركة التضامن والشعوب، الرئيس عبد الناصر كان مؤمنا بحركة الشعوب وكان يناصرها ولم يحدث هذا منذ رحيله.
• وفي فترة ازدهارها هل تمكنت المنظمة من تحقيق كل أهدافها ؟
• حققت الهدف الأول، وهو المساهمة في استقلال وتحرير الشعوب المستعمرة، لكن التضامن فكرة أكبر وأعظم، حيث انه لا يعتمد فقط علي التحرر والحصول علي الاستقلال، وإنما يمتد إلي التنمية والاقتصاد والتجارة البينية، وتبادل العلوم والفنون والثقافة والرياضة، فمن الممكن أن نلعب دورا في كل هذه المجالات، ونحن نؤمن أن المنظمة لابد أن تسير في طرق جديدة تتماشي مع احتياجات الشعوب، وهي الثقافة والفن والرياضة
• هل تري أن هدف مساعدة حركات التحرر الوطني طغي علي بقية الأهداف، لهذا أدي استقلال الدول إلي تأثير عكسي علي نشاط المنظمة؟
هذا صحيح، فقد كان أول أهدافها استقلال الشعوب، وكانت حركة تحرر الشعوب في الستينات قوية جدا، لذا كان أحد أسباب خمول المنظمة أن هدفا كبيرا مثل الاستقلال قد تحقق، بجانب غياب الإيمان بمدي أهمية حركة الشعوب في السبعينات.
• لكن هناك تحديات جديدة مثل الهيمنة الاقتصادية التي تعد بديلا للاستعمار التقليدي .. ألا يتطلب ذلك إعادة تفعيل الأهداف الغائبة ؟
- المنظمة لها دور كبير في إعادة هيكلة الاقتصاد في الدول النامية بالمؤتمرات والبحوث والدراسات والتضامن مع الشعوب بهدف زيادة التجارة البينية، وزيادة التبادل المعرفي والعلمي، كل هذه وسائل لدفع النمو الاقتصادي في هذه الأوطان، وزيادة التنمية وتفعيلها برفع الحالة الاجتماعية لشعوب هذه الدول.
• ذكر سكرتير عام للمنظمة أن من أهم التحديات المطروحة الإرهاب الدولي والسياسة الأمريكية.. هل هناك أجندة واضحة لدي المنظمة في التعامل مع هذين الملفين؟
- نؤمن بالتوعية بقدر كبير، فنقوم بتوعية الشعوب بمخاطر الارهاب وأضراره، وقدرته علي تحطيم الاقتصاد والتجارة والثقافة وكل ما هو حضاري في أي بلد، وكان ضمن أهم أعمال المنظمة مقاومة الارهاب بالتوعية، وعقدنا مؤتمرات وندوات كثيرة في هذا الشأن، شرحنا فيها أخطاره وأسبابه ولماذا يستفحل في دولنا، فنظمنا مثلا مؤتمرا دوليا في المغرب تحت شعار «معا ضد الارهاب»، الدور الوحيد الذي نستطيع القيام به هو التوعية، فنحن لسنا جيشا أو شرطة، وأعتقد أن التوعية تعد أهم عنصر، وهو الذي ينقصنا في معركتنا ضد الارهاب، لأن نقص التوعية في دول نامية تنتشر فيها الأمية والأفكار الخاطئة يعتبر خطرا كبيرا، لابد من تداركه.
أما بالنسبة للسياسة الأمريكية فنحن نعارضها بشدة، ونعلن هذا في كل كتاباتنا وندواتنا،خاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط، مثل انكارها حقوق الفلسطينيين في دولة تجمعهم، ومحاولة تفتيت دول الشرق الأوسط إلي جزيئات صغيرة يسهل السيطرة والقضاء عليها، مثلما حدث في السودان، ومحاولة ذلك في اليمن وليبيا والعراق وسوريا، وكل ذلك يصب في صالح إسرائيل، لهذا نعلن دائما أننا ضد هذا التفتيت، ونؤمن بالدولة الوطنية ذات الحدود المستقلة المعترف بها واحترام المواطنة فيها.
• وهل يمكن أن تستعيد المنظمة دورها النضالي في ظل هذه التحديات ؟
- إذا قمنا بإصلاح الأسباب التي ذكرتها فمن الممكن أن يحدث ذلك، خاصة أننا علي أتم استعداد للعمل بكل قوة فقد أعدنا إحياء اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا، وأنشأنا اتحادات مهنية مثل اتحاد الاعلاميين، ونعمل بجدية الآن لتأسيس اتحادات في مجالات مختلفة أهمها العلميين والتجاريين والقانونيين والرياضيين والفنون، لكن مساندة الدول هي الجزء الاهم لإعادة إحياء المنظمة. وعندما قامت ثورات الربيع العربي تحطمت أشياء كثيرة في هذه الدول،من ضمنها اللجان الوطنية للتضامن لدول المغرب وتونس وليبيا، وكانت إعادة تأسيسها مرة أخري أمرا شاقا، لكننا استطعنا إنجازه بالفعل، غير أننا نعاني من الإهمال الإعلامي، ومع ذلك قمنا بدور مهم جدا في تنظيم مؤتمر للجان العربية في تونس، وعقدنا مؤتمرات في سيريلانكا ونيبال والهند.
• من أين تحصل المنظمة علي تمويلها؟
- تحصل عليه من وزارة الخارجية فقط، وهو مبلغ لم يتغير منذ عام 1995 حتي الآن، ولا يكفي حتي لسداد مرتبات الموظفين العاملين، وهم مصريون، رغم أن المنظمة مصرية التأسيس والمقر، ويجب الحفاظ عليها ومساندتها، لأنها الدبلوماسية الشعبية التي تمثل أهم عنصر في السياسة الخارجية.
• ألا توجد اشتراكات تلتزم الدول الأعضاء بسدادها؟
- توجد اشتراكات ولكنها موضوعة في البرنامج الخاص بنا، كما أنه لا يوجد من يلتزم بالدفع .
• كم عدد الدول الملتزمة بدفع اشتراكها؟ وما هي؟
- 3 دول تقريبا، هي فلسطين، المغرب، وروسيا التي بدأت تلتزم بعد انقطاع طويل.
• وكم عدد الدول الأعضاء ؟ ولماذا لا توجد آليات تلزمها بالسداد؟
- 90 دولة، ولا توجد آليه لإلزامها، لأننا حركة شعبية ليس لدينا سلطات، فعلي سبيل المثال الأمم المتحدة لا تستطيع جمع اشتراكاتها من كل الدول .
• عدم السماح بالتدخل في الشئون الداخلية لأي دولة من بين قواعد وأسس المنظمة .. لكن الآونة الأخيرة شهدت انتهاكات عديدة لهذه القاعدة، ما هو دور المنظمة حيال ذلك؟
- نعارض ذلك بشدة، ونكتب ضده ونقيم المؤتمرات في الدول المختلفة ضد هذه الفكرة للتوعية، لأن دورنا في الأساس توعية الشعوب بهذه المخاطر.
• كان ضمن أهداف المنظمة الأساسية منذ تشكيلها، حظر إنتاج وتخزين الأسلحة النووية.. هل نجحت المنظمة في تحقيق هذا الهدف؟
- للأسف فشلت
• لماذا فشلت ؟
- لأن هناك توجهات عالمية تؤيد بعض الدول في حيازة الأسلحة النووية، وتوجد دول استطاعت الحصول علي التكنولوجيا الخاصة بها، علي سبيل المثال إسرائيل تملك الأسلحة النووية، وإيران تملك برنامجا نوويا، وباكستان والهند يملكان القنبلة الذرية ولا أحد يعارضهما، ونحن نعارض هذا لكننا مجرد صوت شعبي ليس لديه أي آليات لمنع أو ردع هذه الدول .
• ما موقف المنظمة من قضايا أساسية تفرض نفسها علي الساحة مثل زيادة عدد اللاجئين وتنامي ظاهرة الاتجار بالبشر؟
- نحن نحترم الدولة الوطنية والمواطنين، ونؤمن بحق اللاجئين في العودة إلي بلادهم، ونحترم الانسان لأننا شعبيون، ونؤمن بأنه حر ومستقل يشارك في صنع مستقبله، وليس سلعة يمكن الاتجار بها بأي صورة من الصور، وهذه مبادئنا لا نستطيع التخلي عنها، ولكننا لا نملك أكثر من التوعية والكتابة.
• هل كان للمنظمة دور في تقريب وجهات النظر في الخلافات القائمة بين الدول الأعضاء مثل الخلاف القائم حول سد النهضة؟
- قمنا بعقد 3 ندوات حول سد النهضة تحدث فيها وزراء الري السابقون وبعض الخبراء المختصين، ولنا موقف هام في هذا الشأن وهو محاولة التوافق بين دول حوض النيل، وتجنب الإضرار بأي دولة من هذه الدول، واحترام حقوق كل دولة في الموارد الطبيعية، وأعربنا عن رأينا في أكثر من موقف، لكننا شعرنا بوجود تراخ من الحكومة المصرية في الماضي في التعامل مع هذه القضية.. ونتيجة عرض آرائنا في كل المؤتمرات التي نحضرها أو نعقدها نحصل علي تعاون أو تفهم بعض الدول، ومن ضمن هذه المكاسب محاولاتنا مع دولة الصين وشرح الأمر لها في بعض اللقاءات، فقد أبدينا استيائنا من أن دولة صديقة كالصين تقدم مساعدات لبناء سد يضر بنا، وجاء قرار حكومة الصين بإيقاف هذه المساعدات، ونشرح قضايانا في الدول المختلفة لتوعية مواطنيها بالأضرار التي تقع علي بعض الشعوب، ونوضح أنها قضية عادلة، وأن من حقنا أخذ نصيبنا في المياه بشكل عادل من الموارد الطبيعية التي وهبها الله لنا.