images/aapso/logo/aapso-arab.png

صحافة واعلام

الحديدي ... أنشودة في حب مصر

نشرت بوابة فيتو

بتاريخ 24 /9/ 2017

 

الحديدي ... أنشودة في حب مصر

 

محمد ابو المجد

 

خاض الدكتور حلمي الحديدي حروبًا شرسة، ليس أولها مهرجان السينما والفنون والسياحة الأفريقي الآسيوي، ولن يكون آخرها.

 

كان حلمًا فخاطرا فاحتمالا، ثم أضحى حقيقة لا خيالا.. فعلا حلم طويلا بفتح قنوات، وإقامة جسور بين الشعوب، على خلفية فنية وثقافية.. فتلك هي القوى الناعمة التي تصل ما قطعته السياسة، سيما بعد انتهاء مرحلة تحرر الشعوب الأفريقية والآسيوية، فكان لزامًا عليه أن يدشن مرحلة جديدة من التواصل والتضامن بين شعوب القارتين.. كاشف معظم المسئولين في مصر وخارجها بحلمه، وأمله الذي يتمنى أن يحيله إلى واقع ملموس بإقامة مهرجان سنوي، يقام أولا على أرض مصر، ثم يتكرر في دول أفريقيا وآسيا، ولم يلق آذانًا صاغية.

 

تعاقد مع شركة متخصصة في تنظيم المهرجانات الدولية، هكذا زعم المسئولون عنها، وقدموا له "سي في"، وسوابق أعمال.. هل كان يجب عليه أن يفتش في الضمائر، أو يمتلك ما لا يملكه إلا الأنبياء الذين يوحى إليهم، من الكشف عن مكنونات الصدور؟! هل صار لزامًا على كل منا أن يلزم المتعاملين معه بإحضار "فيش وتشبيه" للتأكد من قدرتهم على الوفاء بتعهداتهم، وتنفيذ التزاماتهم؟!

 

أعترف بأن الرجل ليس كفئًا في "البيزنس"، بما يعنيه المصطلح هذه الأيام.. فالأيام التي مضت، والتي صاغت عقول وأفكار وقناعات الجيل الذين ينتمى إليه الحديدي، كان "البيزنس" يعني الصدق، والالتزام، والنزاهة، والشرف.. لكنه تحول اليوم إلى النقيض تمامًا.. لذلك فالرجل لا يعد ماهرًا في "البيزنس" بالمفهوم العصري.

 

بذل جهدًا غير عادي، لا يقدر عليه الشباب، ولا يحتمله أولو القوة، وهو الذي تخطى عمره الثمانين.. تمكن من إقناع وزير الثقافة بالوقوف إلى جواره ودعمه حتى يتحقق الحلم، ولم يدخر محافظ جنوب سيناء طاقة لإنجاح المهرجان الذي يثبت للعالم أن مصر آمنة.. وقدمت الفنانة سهير المرشدي كل ما في جعبتها من فن ومعرفة وفكر لإظهاره بصورة مشرفة، وأعرب الفنان عزت العلايلي عن بالغ سعادته بتكريمه في المهرجان، وكانت ندوة العلايلي أكثر من رائعة؛ حكى خلالها قصة حياته، وسرد ذكرياته الفنية، كاشفًا عن العديد من الأسرار التي لا يعرفها أحد، ودمعت عيناه عندما أتى على ذكر شريكة حياته الراحلة.. ثم التقط معه الجمهور الصور التذكارية.. كانت ساعات بثت السعادة والشجن في القلوب.. ونفاجأ بأن بعض المواقع، المغرضة، وغير المسئولة، تكتب أن العلايلي غادر غاضبا، وتوجه للمطار مباشرة عقب انتهاء تكريمه في ليلة الافتتاح! رغم أن الفنان انصرف إلى الفندق في قمة السعادة، ومعه المخرج عمر عبدالعزيز، ود. خالد مجاهد، مستشار وزير الثقافة، وقضى يومين آخرين، وفي الليلة التالية تناول العشاء، ثم فوجئ بأن إدارة الفندق تقدم له "تورتة" احتفالا بعيد ميلاده، في لفتة جميلة.

 

وفجأة تنكشف حقيقة الشركة المنظمة، فهي لا تصلح لإدارة حفل غنائي صغير، حيث ارتكبت كل ألوان الموبقات، من مجاملات فجة في الاستضافة.. لدرجة تكبد تكاليف سفر وإقامة وتنقلات أكثر من 60 صحفيًا، معظمهم غير متخصصين، وعشرات العاملين في الفضائيات، منهم 40 من برنامج واحد موجه للخارج، ويكاد لا يشاهده مصري واحد، خاصة أنه بالإنجليزية.. إعلاميون أحضروا زوجاتهم معهم، وفنانون تمسكوا باصطحاب "حلاقيهم" و"البودي جاردات"، وصحفيون أصروا على استضافة أصدقائهم، هذا بخلاف المنافسة غير الشريفة في التصميم على الذهاب والعودة بالطائرة، وليس الأتوبيس، والإقامة في فنادق "5 نجوم"، وقضاء فترة المهرجان بأكملها، وعدم الاكتفاء بحضور حفل الافتتاح فقط.. اتخذوا منها "سبوبة"، وتعاملوا مع الأمر وكأنه "فسحة"، ونزهة، وليس مهمة قومية.

 

كل هذا حدث من وراء ظهر الحديدي، ودون أن يعرف.. لدرجة أنه اضطر، إنقاذًا للمواقف الصعبة التي فوجئ بها، لدفع نحو 1،5 مليون جنيه من ماله الخاص.

 

لم يقف بجانب د. الحديدي أحد، وزادت الفنادق الطين بلة، ولعبت أسوأ الأدوار في تشويه الصورة، بإصرارها على الدفع أو طرد الضيوف، ومنهم أجانب، رغم أن الفندق الذي بادر بذلك كان قد تقاضى مقدم حجز معقولا.

 

ورفض أعضاء لجنة التحكيم، المصريون، تأجيل مكافآتهم، لحين تدبيرها، أو العودة للقاهرة.. وحاولت شركات الطيران، نيل حصتها من "الكعكة" برفع رسوم خدماتها، وتذاكرها!!

 

ورغم كل ذلك فقد تمكن د. الحديدي من إخراج المهرجان في أفضل صورة ممكنة، وإحقاقا للحق، فقد نجح المهرجان في تحقيق بعض أهدافه، حيث استضاف 33 دولة أفريقية وآسيوية، وأضاف إلى الليالي السياحية بشرم الشيخ أكثر من 3 آلاف ليلة، خلال فترة انعقاده.

 

أما المشكلات التي حدثت، ووصفها المغرضون بـ "الفضيحة"، فترجع إلى أن أحدًا لم يتحمل مسئوليته، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتركوا الحديدي يتلقى وحده كل السهام والاتهامات.. واضطر لتسديد جميع الالتزامات من جيبه الشخصي.. ورغم كل ذلك، فلا يزال يشدو بحب الوطن، ويصدح بعشق مصر.. "أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء.. بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب.. وبحبها وهي مرمية جريحة حرب.. بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء.. وأكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء".

FaLang translation system by Faboba